خبير مختص.. قراءة في قرار الجامعة،و الأخطاء القانونية التي ارتكبتها لجنة الاستئناف في حق اتحاد ابن احمد

الفجر الجديد:
-علي فاضلي-
أصدرت اللجنة المركزية للاستئناف التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قرارها عدد02/22-23 بتاريخ 29 غشت 2022 بخصوص مقابلة السد التي جمعت بين نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد والنادي الرياضي سيدي اسماعيل.
وقضى قرار اللجنة المركزية للاستئناف بتأييد قرار اللجنة الجهوية للتأديب والروح الرياضية ولجنة الاستئناف الجهوية لعصبة الشاوية دكالة فيما يتعلق باللاعب مثار الخلاف مع تعديل القرار والحكم بخسارة نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد للمقابلة النهائية للسد لصالح النادي الرياضي لسيدي اسماعيل، وهو الأمر الذي لم تقضي به كلا من اللجنتين الجهويتين.
وقد استندت اللجنة المركزية للاستئناف على مقتضيات المادة 107 من مدونة التأديب والروح الرياضية للحكم بخسارة نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد.
والخلاصة التي توصلنا إليها بعد العودة للقوانين والأنظمة المؤطرة لعمل الجامعة المغربية لكرة المنظمة للعبة كرة القدم أن قرار اللجنة المركزية هو قرار خاطئ وغير سليم ويشكل مدخلا خطيرا لعدم استقرار اللعبة وللتلاعب في المباريات.
• هل أخطأ نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد؟
للجواب على هذا السؤال لابد أولا من العودة لحيثيات الملف وللقوانين والأنظمة المؤطرة لمباريات كرة القدم.
وفي حيثيات الملف فقد قام نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد بالتوقيع مع أحد اللاعبين الهواة، وقام باتباع اجراءات التسجيل وفق المقتضيات القانونية، وحصل على رخصة اللاعب من الجهة المختصة ممثلة في عصبة الشاوية دكالة تحمل الرقم 2165، وبعد لعبه مع النادي طيلة مرحلة الذهاب غاب اللاعب لفترة –وهو أمر شائع في قسم الهواة- ليعود بعدها للعب مع الفريق في المباريات الأخيرة وفي مقابلتي السد، وهو ما دفع فريق النادي الرياضي الإسماعيلي لتقديم اعتراض حول مشاركة اللاعب في مباراة السد الأخيرة على أساس أنه يتوفر على رخصة ثانية من فريق قصبة تملالت بعصبة مراكش اسفي !!!
– شروط مشاركة اللاعب الهاوي:
نصت المادة 28 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضية على “تسلم الجامعات الرياضية للرياضيين والأطر الرياضية بالجمعيات والشركات الرياضية التابعة لها إجازات ورخص قصد المشاركة في المنافسات والتظاهرات الرياضية التي تهم الرياضات التي تتولى الجامعة مسؤولية تنظيمها.
ولهذا الغرض، يجب على الجمعيات والشركات الرياضية أن تودع طلبات الإجازات والرخص لدى الجامعة أو العصبة المعنية باسم رياضييها الراغبين في المشاركة في المنافسات والتظاهرات الرياضية”.
كما نصت المادة 59 من القانون الأساسي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على إنه “يجب على كل شخص طبيعي يرغب في المشاركة رسميا في أنشطة الجامعة،…أو العصبة الجهوية، أن يكون حائزا على ترخيص صادر عن الجامعة حسب مستوى الممارسة. ويجب أن تكون شروط الشكل والمضمون وفقا للقواعد العامة للجامعة والفيفا”.
بالعودة لنظام انتقال اللاعبين المعتمد من قبل الجامعة نجده ينص في مادته الخامسة:
-يجب على كل لاعب محترف أو هاو أن يكون مسجلا لدى الجامعة أو العصب التابعة لها؛
-كل انتقال للاعب إلى نادي على المستوى الوطني أو الدولي يجب أن يمر عبر نظام مطابقة الانتقالات؛
-اللاعبون المسجلون فقط هم المؤهلون للمشاركة في المسابقات التي تنظمها الجامعة؛
-يعني تسجيل اللاعب قبوله الامتثال لقوانين ولوائح الفيفا والكاف والجامعة، والعصب عند الاقتضاء.
وقد حددت المادة الثامنة من النظام نفسه الشروط الواجب اتبعاها لطلب تسجيل اللاعبين، ومن بينها طلب تسجيل وتصريح بالشرف للاعب وفق النموذج الرسمي للجامعة.
وفيما يتعلق بشروط انتقال لاعب من فريق إلى آخر فقد نصت المادة الثانية عشر من نظام انتقال اللاعب بشكل واضح على أن أي انتقال داخلي للاعب مرخص له كهاو خلال الموسم يخضع لموافقة النادي الذي يحمل الترخيص باسمه.
بالعودة لملف نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد فهو في وضعية قانونية سليمة، بحيث اتبع جميع الشروط المطلوبة وفق مقتضيات الجامعة لتسجيل اللاعب، ولم يرتكب أي خطأ مخالف للمقتضيات والأنظمة المؤطرة لعملية تسجيل اللاعبين، في حين أن الخطأ وقع من جانب اللاعب وفريق قصبة تملالت وعصبة مراكش آسفي، ذلك أنه وفقا لنموذج (G5) المعتمد من قبل الجامعة لتسجيل اللاعبين يتضمن معلومات تفصيلية عن مسيرة اللاعب ومنها الأندية التي مر منها، وهو النموذج الذي يخضع للتوقيع من قبل اللاعب ومسؤولي النادي.
فنادي اتحاد ابن أحمد لم يمنح موافقته للاعب للانتقال وفقا للمادة 12 من نظام انتقال اللاعب، وبالتالي فلا مسؤولية له عن انتقال اللاعب لنادي آخر ومنحه رخصة أخرى، و لا يمكن تحميله مسؤولية خطأ لم يرتكبه.
اعترفت اللجنة المركزية للاستئناف بعدم ارتكاب لنادي ابن أحمد خطأ مخالفة مقتضيات تسجيل اللاعبين وانتقالهم، فالإقرار بخطأ النادي يترتب عنه تطبيق مقتضيات المادة 111 من مدونة التأديب والروح الرياضية بحق مسؤولي النادي، كما وقع مع مسؤولي نادي قصبة تملالت، أما حديث اللجنة المركزية عن “حسن نية الفريق” فهو اقحام دون معنى، بحيث كان على اللجنة تبيان مكامن الخطأ الذي ارتكبه نادي ابن أحمد، وهو ما لم تفعله ، لأن النادي لم يرتكب أي خطأ وبالتالي فلا مسؤولية له عن خطأ الآخرين.
لقد كان على اللجنة المركزية العودة لأنظمة الجامعة حين معالجتها للملف، وهنا كان عليها الرجوع لديباجة الجزء الثاني من مدونة التأديب والروح الرياضية، والتي تنص على:
-تخضع كرة القدم لقواعد تضع كل رياضي على قدم المساواة عبد اللعب؛
-تكافؤ الفرص يفرض على الجميع موقفا مخلصا تجاه مختلف المنافسين؛
-تسعى الجامعة من خلال مدونة التأديب لتعزيز القيم المختلفة حتى تظهر ممارسة كرة القدم بصورة نموذجية.
فهنا نتسائل، أين هي المساواة في ممارسة كرة القدم حين تقدم اللجنة المركزية على معاقبة فريق بسبب أمر لا علاقة له به، وتحميله مسؤولية خطأ أطراف أخرى هي خصوم للفريق !؟
وهنا نتسائل، ألا يفتح قرار لجنة الاستئناف المركزية بابا واسعا وخطيرا لإفساد لعبة كرة القدم، وهو الهدف الذي تسعى الجامعة لمواجهته، فهو قرار يفتح الباب أمام الأندية للجوء لممارسات احتيالية عبر تسجيل لاعبي النادي الخصم في فرق أخرى دون علم النادي الخصم، واللجوء لاعتراض على مشاركة لاعبي النادي الخصم للحصول على مجهوده بطرق احتيالية !؟
لقد كان على اللجنة المركزية العودة لمقتضيات المادة 42 من مدونة التأديب والروح الرياضية والتي تنص بشكل صريح على معاقبة المخالفات إذا ارتكبت عمدا أو إهمالا. والحال أن نادي ابن أحمد لم يرتكب أي مخالفة سواء عمدا أو إهمالا، بل احترم كل الشروط القانونية لتسجيل اللاعبين.
كما كان يجب عليها العودة لأحكام المادتين 36 و 124 من مدونة التأديب والروح الرياضية حين نظرها في الملف، فالمادة 36 تؤكد على ضرورة أخذ نص المدونة وروحها، وكذلك العقيدة والفقه الرياضيين حين لا يسعف النص في التقرير في النازلة.
ومن الأمور البديهية في مختلف فروع القانون والتي اقرها الفقه هي ضرورة وجود خطأ حتى تقوم المسؤولية، فلا يمكن تحميل شخص طبيعي أو معنوي المسؤولية عن خطأ لم يرتكبه إما عمدا أو إهمالا.
– المادة 107 لا تنطبق على نادي ابن أحمد:
إن لجوء لجنة الاستئناف المركزية لمقتضيات المادة 107 من مدونة التأديب والروح الرياضية هو لجوء في غير محله وقراءة متعسفة للمادة في معزل عن باقي المقتضيات الأخرى، فتطبيق المادة 107 سيكون مفهوما لو كان الأمر يتعلق بنادي قصبة تملالت الذي لم يحترم شروط تسجيل اللاعبين وانتقالهم، فهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن فيها تطبيق مقتضيات المادة 107 فيما يخص الحادثة، أما نادي ابن أحمد ففي وضعية قانونية سليمة مما يجعل من لجوء اللجنة المركزية للمادة 107 لجوء متعسفا وغير قانوني.
لقد انتصرت كلا من اللجنة الجهوية للتأديب والروح الرياضية ولجنة الاستئناف الجهوية لعصبة الشاوية دكالة لنص القانون وروحه، وطبقت مقتضيات المادة 111 من مدونة التأديب والروح الرياضية على الحادثة ما دام أن مسؤولية اللاعب قائمة لمخالفته المقتضيات المنظمة لانتقال اللاعبين، ولم تطبيق المادة 107 ما دام أن المعني بها هو نادي قصبة تملالت.
• علاقة القضاء الإداري بقرارات الجامعة:
قام نادي الاتحاد الرياضي لابن أحمد باللجوء لغرفة التحكيم الرياضية المنصوص عليها في المادة 44 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضية، والتي تم تنظيم أشغالها وفقا لمقتضيات مرسوم 4 نونبر 2011 المتعلق بتطبيق القانون رقم 30.09.
أما بالنسبة للقضاء الإداري فيمكن اللجوء إليه ضد قرارات الجامعة، وذلك باعتبار أن الجامعة تسهم في تنظيم المرفق العام الرياضي، وهو ما نصت عليه مقتضيات المادة 22 من القانون 30.09.
كما أن محكمة النقض أكدت أحقية القضاء الإداري للبت في نزاعات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في قرارها رقم 288 بتاريخ 6 مارس 2014، حين اعتبرت المحكمة بأن العقود والقرارات التي تبرمها الجامعة بمناسبة تسييرها للمرفق العام الرياضي تكتسي صبغة إدارية يرجع اختصاص الفصل في النزاعات المتفرعة عنها للقضاء الإداري عملا بمقتضيات المادة 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.