أبريل 12, 2025
Warning: sprintf(): Too few arguments in /home/fajrma/public_html/wp-content/themes/covernews/lib/breadcrumb-trail/inc/breadcrumbs.php on line 254

“كامبو غراندي المغرب تلفظ أنفاسها تحت وطأة الأوراش”

بقلم : مليكة فتح الإسلام

من الجميل أن يرى المواطن اليُوسفي مدينته الفوسفاطية والتّي لطالما لُقِّبت بباريس المغرب تنفضُ عنها الغبار وتنتعش من جديد عبر ما سمِّي بالأوراش في محاولة لإصلاح ما أفسدته أيادٍ صافحت الوضع المحلّي بخُبث قلَّ نظيره، لكن بعودتنا إلى فترات بِتْنا نخالُها بعيدة جدا كنا خلالها نلقِّب اليوسفية بمدينة الأشجار إسوة بالمدينة البرازيلية كامبو غراندي ، نلاحظ أن الوضع الحالي ليس سويًّا وأن المصل الذي نرُوم به إنعاش الفضاء اليوسفي ما هو إلا سُمّ زُعاف ، النهج الذي نهجه مسؤولوا المدينة في إطار تجديد أو إصلاح أو أيًّا كان ما يليق به من تسميات يُجهز على المكتسبات الجميلة والرمزية للمنطقة ، بدءا من اقتلاع الأشجار بكل أزقة بالمدينة بدعوى استرجاع الملك العمومي وقد طال الجمال الأخضر ما طاله من تجبُّر الآلات الضخمة بحيث لم تسلم حتى الأشجار التي لا تشكِّل أي عرقلة للمارة ، ومن المفارقات العجيبة أن العمال كانوا يستظلون بالشجرة أثناء تناولهم ما جادت به الساكنة عليهم من لقيمات بعدها يهمون بقطع جدعها ، فكان عارا على الجميع السكوت أمام انهيار كبرياء مغروسات كانت شامخة ومعطاءة ،أمام هاته اللوحة الدرامية استحضرت وبحزنٍ المثل الهندي القائل:(لا تمنع الشجرة ظلها حتى على الحطاب) .

وأنت تتجول في شوارع المدينة إن كنت تنتمي فعلا لقبيلة أحمر فلا شك ستُحِسّ بالاختناق ، كل شيء بات إسمنتيًّا خاليا من الجمال لم يعد لرائحة مسكِ الليل من حيِّز حيث ننتشِيها ، لا الهواءُ هواءٌ ولا الإطلالة تُبهج الروح، ظُلمًا إجتُتَّث أشجار الزيتون وأشجار الرمان المتألقة بجِلِنَارِها ،كُروم العنب و نُوَارُ الكَركدية ، وهانحن ندخل مرحلة أخرى من التخريب أقصد الإصلاح أو إعادة الحياة للحياة حسب زعمهم، لا أعرف كيف لكن هذا ما يحدث إذ تمَّ الاجهاز على مساحة كبيرة من ورود الجُوري والتي كانت تنتصب بعنفوان مزهوة بعطرها عبر جنبات الحديقة بشارع بئر انزران تضفي على واجهة محطة القطار منظرا شاعريا يستشعره المارة وكذا المسافرون العابرون لهاته الحديقة ، لا أعلم لما هذا التعنت ضد الطبيعة وكما تقول الروائية أحلام مستغانمي : (ثمة من يلقي القبض على شجرة البرتقال بتهمة العطاء ) نجد نحن أن مسؤولينا يُلقون القبض على كل ما هو أخضر بتهمة البهاء.

الأوراش الآن بالمنطقة على قدمٍ وساق ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نُنكر أنها بادرة جيدة ومستحسنة في جوانب عدة ، ولكن هناك هفوات أو زلاّت قد لا تغفرها الطبيعة ، وتثير امتعاض المواطنين من قَبيل تخريب الرئة الخضراء للمدينة ، حرمان المواطن من أشجار تساهم في تنقية الهواء يُضاهي في الجرم والجزاء حرمانه من ماء صالحٍ للشرب وموضوع الماء هذا موضوعٌ ٱخر شائك ومشكل من المشاكل العالقة والمتعايش معها قد نعود له في مقالٍ قادمٍ بحول الله، نحن مع الأوراش ومع الإصلاح والنهوض بالمنطقة ولكن ضدَّ أن يتنكّر القيِّمون على الشأن المحلي للأشجار ولعطر الجوري ويصمُّون ٱذانهم عن أنَّاتِه .

دمتم قرَّاءنا الأعزاء ببهاء الجُوري وإلى مقال ٱخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *