في الألم أمل

بقلم الدكتورة؛ نجية الشياظمي
هل تعلم يا صديقي ، أن تجارب الحياة لا و لن تنتهي ، فكلما أنهيت تجربة و خرجت منها ، وجدت نفسك من جديد في غيرها ، نحن لا نعلم إن كانت ستكون أجمل أو أسوأ ، بل قد تكون أشد قسوة و أشد ألما ، نكره جميعا الألم و نتجنبه ، لكن آلام التجارب في صميمها دائما متعة الاكتشاف و التعلم ، هذه العملية التي لا تنتهي إلا بانتهاء أيام العمر . قد نتجنب المزيد من التجارب كلما كبرنا و أحسسنا بالنضج ، لكن الحياة تأبى إلا أن تبرهن لنا على أنها عملية مستمرة ، عملية إجبارية ، لا خيار لنا فيها .
لكن ماذا لو غيرنا مفهوم الألم و الأسى إلى مفهوم الابتهاج بالتعلم و التطور ، من مراحل أقل وعيا إلى غيرها أكثر و أكبر تعقلا و حكمة، سنرى كل التجارب دروسا مفيدة ، إضافات جديدة لرصيد العمر من الحِكم و الحزم و الفهم الجيد لأمور هذا العالم الذي يحتوينا و الذي ما نفتأ نكتشف خباياه و أسراره ، و رغم ذلك نبقى عاجزين عن فهم كل شيء فيه ، و غير قادرين على استيعاب الكثير من الأمور التي لا تتوقف عن محاصرتنا و كأنها تود استفزازنا و إثارة فضولنا ….
هل تعلم يا صديقي…!
لقد قررت و منذ هذا اليوم ألا أشكو و لا أبتئس ، قررت أن أمد يدي للحياة كي تأخذني حيثما تشاء لأجل أن تعلمني أكثر ، لأجل أن أستطعم لذة المغامرة و الاكتشاف ، اكتشاف كل ما منعت نفسي و ما منعوني منه .
فمغادرة هذه الحياة بالندم على كل فرصة جاءت بين أيدينا ثم لم تجاهلناها و رفضنا اختبارها و التعلم منها هو قمة التعاسة التي يحس بها المرء حينما تزوره سكرات الموت !
فالخوف الذي سكننا منذ الأزل و لا زال يسكننا ، هو أكبر عدو لنا ، رغم أننا لا نراه لكنه يرانا و يتربص بنا كل يوم ، فهو يعلم جيدا أنه قادر على على إفساد حياتنا بالتردد و التراجع إلى الوراء . يجعلنا نستأنس بمربع الأمان الذي لا نود مغادرته أبدا لنبقى قابعين في نفس المكان ، لا نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ، و كيف لهذا العالم أن يبارك وجودنا فيه و نحن لا نساهم فيه بأي تقدم و لا تغيير .