الناشط الحقوقي
لاشك أن الدفاع عن حقوق الإنسان، هو مهمة نبيلة ليست حكرا على أشخاص دون غيرهم، فجميع الأشخاص لهم حق العمل في هذا المجال، رافعين شعارات حقوق الإنسان وحرياته على جميع الأصعدة، غير أن هذا لما له من الخطورة والحساسية، لابد من ضوابط علمية ومهنية وأخلاقية يخضع لها الناشط الحقوقي وتكون من الضرورة بمكان أن يلتزم بها ويقيد بها.
فالعمل الحقوقي ليس مفتوحا لمن هب ودب، بل هو رسالة لابد لحاملها أن تكون له القدرة على ممارستها، وله من الصدق والأخلاق والعلم والثقافة القانونية والعمل الميداني والجرأة لمعالجة ومواجهة أي قضية تتعلق بموضوع حقوق الإنسان، إلا أنه مؤخرا ظهرت كائنات مضرة، تسمي نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان، لا تتوفر فيها شروط ممارسة ثقافة حقوق الإنسان، همها الوحيد هو استرزاق والتشويش على سيرورة العمل بجميع مرافق ومصالح الإدارات.
ان هاته الفئات تحول العمل الحقوقي من رسالة إلى تجارة، تغلب فيها معايير المكسب والخسارة على القيم الإنسانية والأخلاقية للعمل الحقوقي، وبذلك تتحمل كل الجهات المعنية بالأمر، المسؤولية التقصيرية في تناسل وتكاثر مثل هكذا جمعيات لا شأن لها سوى الاسترزاق، واستغلال هذا المجال لخدمة أجندات سياسية أو شخصية أو حتى خارجية.
وبناء على ما سلف ذكره، يبدو أن هذه الظاهرة تستحق الدراسة والتمحيص، من خلال تدخل باحثين في مجال الشأن السياسي و الاجتماعي، باعادة رد الاعتبار للأشكال النضالية الراقية التي عادة يلجأ إليها المجتمع من خلال منظماته المهتمة بالشؤون الحقوقية التي تنشط طبقا للقوانين المسطرة لها، لكل هذه الأسباب نطالب كل الجهات ذات الصلة بالموضوع، التدخل لأجل وضع حد لمثل هذه الممارسات التي لاتمت بصلة للعمل الحقوقي و الجمعوي، وخاصة بعض الكائنات التي تدعي أنها تنشط في مجال حقوق الإنسان وهي معروفة ومكشوفة ، علما أن العمل الحقوقي والجمعوي والنقابي، هو عمل تطوعي، لا يمكن أن يكون منتجا إلا إذا بني على أسس سليمة تروم خدمة حقوق الإنسان إيثار وتضحية ونكران للذات.