الأحزاب المغربية و إشكالية غياب النخب

في وقت ليس بالبعيد شهدت الساحة السياسية المغربية عديد الشخصيات التي عرفت بنضالها و تضحياتها و مواقفها الجريئة التي هي من و إلى الشعب. شخصيات ولدت من رحم الشعب ثم أنخرطت و صقلت نضالها في مدارس الأحزاب المواطنة التي كانت تستمد شرعيتها و توهجها من الأحياء الشعبية و ساكنتها صادحة بهموم و آلام الفقراء و البسطاء من أبناء هذا الوطن .
نخب هي قامات و أهرامات حفرت في ذاكرة من عايشهم و من نبش في سيرتهم التقدير و الاحترام. كانت الأحزاب مدارس وطنية بما تحمله الكلمة من معاني وكانت مشاتل تصنع فيها المواقف وتصاغ المطالب و تنجب النخب و المناضلين يمتازون بقوة وصلابة الشخصية و الرأى المستقبلية و بالحوارات الجادة المقنعة ثم فن الخطابة و الصدق و التضحية .
فكانوا حقا قيمة و قدوة في التسيير معارضة أو أغلبية في المجالس البرلمانية و الإستشارية النقابية ثم الجماعية، فالانتخابات الأخيرة التي شهدتها مملكتنا العزيزة أفرزت لنا حكومة مبلقنة حكومة أطلقت على نفسها حكومة الكفاءات التي غابت عنها الحكمة فما مرت السنة حتى طفت على السطح مجموعة إشكالات تنظيمية و تسييرية و تخبطات سلبية كما لم توفق في البرمجة التي لم تراعي فيها طبيعة ساكنة المملكة و قدرتها الشرائية و الاقتصادية فأثقلت كاهلها بالغلاء و ارتفاع الأسعار في المواد المعيشية الأساسية و في المحروقات التي أنهكت و ساهمت في ثقب جيوب الكثير من أبناء هذه المملكة البسطاء الفقراء مع إجبارهم و إغراقهم في ديمومة القروض و المديونية من أجل الحفاظ على قفتهم المعيشية اليومية و للأسف، ما هكذا كانت الأحزاب المغربية و ما هكذا كانت النخب السياسية.
أحزاب أنهكها المرض و علتها عصية على المشخصين و المهتمين بالشأن السياسي المغربي، مقرات ترفع أنين شكوها من آلام الوحدة و السكون و الهجران مع صمت الجدران و المكان يشرف على تسييرها عجزة خارت قواهم العقلية و الجسدية ألفوا كراسيهم و مناصبهم الحزبية يسطع نجمهم بين السفينة و الأخرى و بالخصوص في جموع مؤتمراتهم الداخلية كي يتسنى لهم الدفاع عن كراسيهم و مناصبهم تحت غطاء النضال و أمجاد التضحيات و بعض مواقف حزبهم التي يرونها قمة في التضحية. ثم يسطع نجمهم الملئلئ في فترات الحملات الانتخابية باحثين و منقبين بجد و ٱجتهاد على الشخصيات المناسبة التي تهتم بتجارة اللوائح الانتخابية مستعملين جميع الوسائل التي تمكنهم من مآربهم و الصيد الثمين لحزبهم المتجلي في حصد المقاعد و المناصب لا غير.و من المشاهد الغير مقنعة و المقلقة الحصيلة الهزيلة التي ظهرت بها حكومة الكفاءات و خرجات بعض وزرائها الغير محسوبة و المستفزة و المهينة لشعب ساهم في تبوأهم المكانة التي تبوؤها و على رأسهم وزير العدل على سبيل المثال لا الحصر .
أما دورات المجالس الترابية من جماعات و بلديات التي شهدت هي الأخرى ضعف التسيير و ضعف القوة الاقتراحية و همة قوية لمشاريع تنهض و ترفع من قيمة الساكنة و البلدية أو الجماعة الترابية .
مجالس بأغلبيتها و معارضتها تتراشق فيما بينها تهم التسلط و الاسترزاق من المال العام وجلب مصالح شخصية عن طريق المجالس المنتخبة مع تجييش ذباب الفضاء الأزرق لإثبات أحقية طرف عن آخر في مشهد قاتم عنوانه البارز السواد و عقم رحم الأحزاب الذي وجب علاجه و إن استدعى الأمر ٱستئصاله من أجل ولادة طبيعية و منتجة لأحزاب قوية مواطنة و نخب صادقة مناضلة .
متابعة: أبو نعمة قنوع