أبريل 12, 2025
Warning: sprintf(): Too few arguments in /home/fajrma/public_html/wp-content/themes/covernews/lib/breadcrumb-trail/inc/breadcrumbs.php on line 254

فكاهة الأمس و سخافة اليوم

عرفو أنا أتصفح هاتفي المحمول سائحا بين صفحات و فيديوهات و قنوات تعود ملكيتها لأناس ذاتيين يبثون و ينشرون ميولاتهم و ٱهتماماتهم الفنية الثقافية، التربوية الرياضية و حتى وجبات المطابخ التي لم تعد حكرا على النساء كما هو متعارف عليه في ثقافتنا الاجتماعية بل أصبحت تتنافس و تتقاسم نجوميتها نساء و رجال مستغلين سهولة و سرعة صنع و نشر المحتوى على صفحات الفضاء الأزرق .

و ما ٱستوقفني حقيقة في ظل هذا الزخم و التدافع السلبي و الإيجابي مشهد فني مسرحي كوميدي لفرقة عريقة من فرق مسرح مدينة الدار البيضاء التي أمتعت و أقنعت و تصدر نجومها المشهد الفني الدرامي الكوميدي في حقبة الثمانينات و التسعينيات من قرن مضى .

مضى بفنه الراقي الهادف و الرسالي و ببساطة و طيبة و صفاء من عايشوا الحقبة رجالا ونساءا من مختلف الأعمار. فرقة بل فرق صنع أعضاؤها الفرجة و رسموا البسمة بأدائهم التلقائي و بتعبيرهم الصادق مع انتقاء المواضيع الهادفة و التي هي من و إلى المجتمع .       قلت ٱستوقفني المشهد المسرحي لفرقة مسرح الحي بنجومه الكوميدية فلان عاجل، الخياري، فهيد،  و النجم الراحل المتميز بخفة الحركة و اللكنة الأمازيغية المرحوم نور الدين بكر، الفنانة القديرة نجوم الزوهرة، و كانت في المشهد تلعب دور الطبيبة، و الماجور علال، و السي لقنفودي، ثم العبارة الشهيرة غير صبغوه أ وحلوه فيا للنجم القدير فلان .

كنا ساعتها ننتظر بشغف كبير نهاية جولات العروض كي يتسنى لنا مشاهدة العرض المسرحي على شاشة التلفاز في تجمع أسري دافئ متكون من أب و أم و أبناء و في بعض الأحيان حتى الجيران في مشهد أخوي تضامني ماتع بالعرض الفني الساخر المقدم و المحترم و الغير خادش للحياء بدءا بالسيناريو الذي ٱختيرت أهدافه و مصطلحاته بدقة و عناية مراعيا في نصه مجموعة ضوابط من أبرزها الحشمة و الحياء و أن العرض موجه لأسرة بجميع مكوناتها مع التركيز على تحقيق الهدف المتجلي في صنع الفرجة و رسم البسمة على محيا متابعي العرض الفكاهي الساخر و ما هي إلا لحظات حتى يطلق العنان لهستيريا الضحكات و القهقهات المتعالية و بعفوية لتملاء جميع أركان البيت الذي سعد قاطنيه بالعرض المقدم .

وبعد نهاية العرض التلفزي نلجأ نحن الشباب إلى بعض أصدقائنا الذين يتوفرون على جهاز الفيديو متوسلين إليهم أخذ الإذن من آبائهم لفرجة ثانية و ثالثة عبر تسجيلات الفيديو كاست دون ملل أو كلل و بشغف نشاهد العرض مرات و مرات و كأننا نشاهده للمرة الأولى .         ما السر يا ترى في هذا الإبداع لنجوم سطع نجمهم في زمن التلفاز و المذياع و عروض تعرض على الركح مباشرة و قبل العرض لا بد من إشراف اللجان التي تمحص و تدقق كل ما يلزم من شروط البث و العرض قبل وصولها إلى الجمهور. نجوم زمن فرق الهواية و الإبداع الذاتي، نجوم دور الشباب و المسرح البلدي لمدينة الدار البيضاء، نجوم البساطة و الخفة، الحذاقة و صنع الفرجة من لا شيء المستمدة من فن الحلقة و الحلايقية و الحكواتية. نجوم أفل نجمها و تنكر لها المشرفون على المشهد الإعلامي بنوعيه الخاص و العام و صعب تعويضها بشخصيات تمتهن الفكاهة الحقة و الإبداع . نجوم تربعوا على عرش نجومية الفكاهة و خطفوا حب و عطف قلوب المغاربة داخل و خارج أرض الوطن .                         فما أحوجنا في زماننا السخيف هذا إلى نجوم مبدعين رساليين يحملون قيم نبل و خلق الرسالة الساخرة. كلنا نتسائل عن سبب غياب البديل رغم إعطاء إشارة الضوء الأخضر لبرامج التنقيب عن المواهب ما يزيد عن سبع مواسم تلفزية التي لم تأتي بجديد لأنها و ببساطة وضعت أمام نصب عينيها الربح المادي و ٱملاء الفراغ بما لم يناسب من أجل هدف يعني للساهرين على الشأن التلفزي رفع نسب المشاهدة فقط و لا غير في غياب فاضح و صارخ للجان الرقابة المؤهلة الشيء الذي فسح المجال للعروض السخيفة و الهزيلة بحركاتها المشمئزة التي تحرم الأسرة المغربية من فرجة عائلية مدفوعة الأجر لقناة عمومية عبر دفع الضرائب .                                    رجاءا لا تحرمونا مشاهدة القطب العمومي و ٱحترموا مبادىء و قيم الأسرة المغربية و ساهموا في نشر الفن الهادف البناء الرسالي ببث عروض ترفع من الأخلاق و تهذب النفوس و تسموا بالحياء و التماسك المجتمعي و ترفع همم الشباب و يقظتهم و همتهم لكل شأن هموا إليه يرفع قدرهم و يحفظ كرامتهم فينعكس إيجابا على شخصيتهم و مسارهم ثم وطنهم .

و لنا في أعلامنا الفنية الكوميدية خير مثال و على رأسهم الفنان المبدع القدير محمد الجم الرفعة و القدوة الإبداعية و الرسالة الفنية فهي الأصل و المرجع و هي عز الطلب .

 

متابعة: أبو نعمة قنوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *