أبريل 12, 2025
Warning: sprintf(): Too few arguments in /home/fajrma/public_html/wp-content/themes/covernews/lib/breadcrumb-trail/inc/breadcrumbs.php on line 254

خلايا بيئة المغرب تورمت الورم الأسود “دور الصفيح”

أصبح التغير المناخي مشكل يهدد المنظومة البيئية بصفة عامة و المنظومة الإنسانية بصفة خاصة، أحيانا الأماكن غير المراقبة يمكن أن تكون مصدرا حيويا لانبعاث الغازات الملوثة و المساهمة في الاحترار العالمي.

و لعل دور الصفيح خير مثال عن هاته الأماكن العشوائية، المعزولة التي تنفلت من المراقبة البيئية و تصبح نقط سوداء تمارس فيها أبشع الجرائم ضد  البيئة و الإنسان… على سبيل المثال لا الحصر حرق النفايات الصلبة للتخلص منها، حرق أسلاك الكهرباء المتلفة للحصول على النحاس و بيعه …. و هذا ما يلوث الهواء حيث تتشكل غيوم سوداء  تعكر صفو السماء و هوائها،  ناهيك عن عصارة الليكسيفيا ذات الرائحة الكريهة، زد عن ذلك انسداد قنوات الصرف الصحي صيفا و شتاء و عدم إصلاحها يؤدي إلى تشكيل مرتعا خصبا لانتشار الجراثيم و الأمراض المعدية ….الخ

في ظل توالي سنوات الجفاف و ارتفاع القدرة الشرائية… ارتفعت الهجرة صوب المدن الشيئ الذي زاد من توسع مساحة دور الصفيح، فالفلاح الصغير الفار من البيداء القاحلة فأكيد لن يشتري إقامة فهو سيستنجد بأسط مكان ذو أربعة حيطان ليواريه و يحفظه هو وأسرته من مخالب الشارع .

اذا أمعنا النظر سنجد أن هناك حلقة  مغلقة و كاملة بين تغير المناخ، الجفاف و دور الصفيح، تجمع بينهم  علاقة تأثير و تأثر …لن نسمي هاته الحلقة بدورة حياة لكونها ضد الحياة و التنمية .

– أولا : السبب الرئيس وراء توسع دور الصفيح هو هجرة الفلاح للظروف الطبيعية القاسية كتوالي سنوات الجفاف جراء التغيرات المناخية التي شهدها العالم.

– ثانيا : بعد الهجرة صوب المدن هربا من الجفاف المدقع يتم توسيع باحة السكن العشوائي، و بالتالي ارتفاع عدد الأنشطة غير القانونية بيئيا داخل دور الصفيح و المساهمة برصيد لا بأس به في التغير المناخ العالمي .

تلويث الهواء جراء حرق النفايات،  تلويث التربة، انتشار مطارح الأزبال غير المراقبة، تربية المواشي التي روثها ممكن ان تجده وسط الأرصفة هذا كله يساهم في ارتفاع درجات الحرارة، فالحرق ينجم عنه انبعاث الغازات كثنائي اكسيد الكربون …، تخمر و تبخر الروث و المواد العضوية يعطي الميثان، و هاته جمعيها غازات دفيئة تزيد من ارتفاع درجات الحرارة و بالتالي ندرة التساقطات المطرية و عدم انتظامها، و كلها ظروف قاسية عن الفلاح البسيط تمنعه عن الاستمرار في الريف و تدفعه كرها إلى الهجرة بحثا عن لقمة العيش .

من هنا نجد أن دور الصفيح لا تقف على كونها بنيان غير عشوائي بل هي  تؤثر سلبا عن المناخ، لجلب و لاستقطاب أكبر عدد من ضحايا المناخ من الأرياف، أي أكثر و المزيد من الأنشطة المخالفة للبيئة و هكذا ذواليك. إذن دور الصفيح  ليست خرساء بل تردد هل من مزيد ؟

المزيد من ضحايا المناخ، المزيد من الأنشطة غير الايكولوجية، مزيد الانبعاثات و الاحترار، اذن هناك علاقة تأثير و تأثر أو  حلقة مغلقة : الجفاف- الهجرة – توسع دور الصفيح – تغير المناخ التي يتوجب كسرها عما قريب .

تعتبر مدينة الدار البيضاء الكبرى، من أكثر المدن التي تنتشر بها  “البرارك”، نعم الدار البيضاء  التي تحمل لقب المدينة الذكية، فهل فعلا الدار البيضاء تستحق هذا اللقب؟  هل المدينة الذكية ليس بها آلة ذكية  لاستئصال هذا الورم الأسود، الورم الذي يلبد سماها الأزرق الفسيح بالغيوم، الورم الذي يتوغل و يتوسع  داخل خلاياها، الورم الذي يعكر نقاء هوائها، و جمالية منظرها، الورم الذي يزيد من وطأة تغير المناخ، الشيئ الذي يتنافى و المعاهدات الدولية الرامية إلى التقليل من حدة الاحترار و احترام البيئة و التي صادق عليها المغرب في عدة مؤتمرات دولية .

و أخيرا إعادة تأهيل أو هيكلة هذا النوع من السكن واجب بيئي و إنساني، لخلق بيئة سليمة لنا و للأجيال المقبلة، يجب كسر و  هدم هاته الحلقة المغلقة “جفاف – هجرة – دور صفيح – تغير المناخ “، و الهدم لا يكون إلا بأنزيم التغيير، التنمية و التأهيل .

 

 

 

 

متابعة الدكتورة سعاد المالح: باحثة في البيئة و التنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *