قراءة في رواية “مدام بوفاري” للأديب الفرنسي “غوستاف فلوبير” المنشور سنة 1856

من الروايات الخالدة في العالم و التي أسست لعديد النظريات الفلسفيية و الباثالوجييا، ك “البوفاريزم” le bovarysme اي التضارب بين الواقعي و الخيالي وضياع النفس البشرية بينهما .
تحكي الرواية قصة “ايما بوفاري” الريفية التي ترتبط بالطبيب الشاب “شارل بوفاري”، التركيبة الفيزيولوجية لإيما بوفاري هي مناط الرواية، امراة شابة تعشق الكتب، الموسيقى، الفن، .. تطمح لان تعيش واقعها كما تعيش الشخصيات الأدبية أدبها، من بدخ و تحرر و تحلل و تسامي بالنفس البشرية عن قيود الواقع.
تتورط “ايما بوفاري” و هي على ذمة زوجها، في عدة علاقات غرامية، بالأخص مع “رودولف” و “ليون”، محاولة ايجاد اشباع غريزي لشخصيتها الشبقية و التي ترزح تحت وطأة عدم تمكنها من احداث توازن بين اللاشعور و الشعور .
كما ينعكس عليها سوء التصرف و الغباء و استغلال الاخرين في التورط حتى أذونيها في ديون جمة، تنته بها الى الحجز عن املاك زوجها المرهونة، فانتحارها بعد تجرعها لسم زعاف، تاركة خلفها زوجا محطما و ابنة متشردة .
تتماس الرواية مع النظرية الارسطية في التطهير و اهمية الفنون بالتسامي بالنفس البشرية الى مستوى الكمال الروحي .
رواية بينت لنا فساد النظام الاقطاعي، تراجع المد الديني في المجتمع الفرنسي ابان بزوغ الثورة الصناعية، حالة الريف و البيئة المتخلفة أنذاك مقارنة بتفتح العاصمة باريس…..
ان غوستاف فلوبير و من خلال بنيته الروائية يرسم لنا معالم مختفية من الشخصية الانسانية و ينقل لنا أدبيا الصراع المستشري بين الطبيعة ( الفطرة) و الحضارة (القوانين، النظام، الشرائع، الاعراف…)، و هو الصراع الذي بنيت عليه حركية الانسان مذ وجدت الحضارة، في رؤية فلسفية عميقة تضمنتها هذه الرواية الخالدة..