النضال الحقوقي مسؤولية والتزام ليس تشويش وتمييع

عندما يتسم كل تصرف يرمى إلى الدفاع عن حقوق الإنسان بأساليب الانتقام والعبثية والذاتية والجهل وعدم المعرفة بحدود العمل الحقوقي، فإنه يصبح تصرفا منحطا وعدميا لا يرقى إلى درجة النضال الحقوقي الذي يخدم المجتمع ويساهم في تغييره وتطوره، ما يدفع المواطنين أحياناً والرأي العام بصفة عامة إلى التشكيك في المنظمات الحقوقية ونعتها بنعوت سلبية دون التمييز بين المنظمات الجادة وغير الجادة، ونتأسف للمستوى الرديء الذي أصبح تتسم به بعض التصرفات الحقوقية.
إنه لمن أن يدعي أشخاص الدفاع عن حقوق الإنسان، فيناصرون ممارسات بعض الجمعيات المرقة التي في تتورط في أعمال مشينة وغير أخلاقية، إلا أنه مؤخراً ظهرت كائنات مضرة تسمي نفسها ( جمعوية وحقوقية ) لا تتوفر فيها شروط ممارسة ثقافة حقوق الإنسان أو العمل المدني، همها الوحيد هو اختباء وراء جمعيات مشبوهة تشتغل لأجنادات سياسية و للوبي الفساد طاغي.
كان على من يعتبرون أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان أن يتحلوا بالمعرفة القانونية و الحقوقية وأن يدركوا الدور الطلائعي الذي تلعبه مؤسسات الدولة ( ليس أشخاص) لاسباب الأمن وللسهر على حياة وممتلكات المواطنين، وهنا يكمن دورنا جميعاً كحقوقيين للمساهمة في تأمين هذا الدور وتشجيعه وليس تبخيسه وانتقاده من أجل الظهور بمظهر مناضلين حقوقيين.
لذلك، نعتبر أنفسنا أبرياء من بعض الأصوات الحقوقية الشادة التي تفتقد إلى الحس المسؤولية وإلى المعرفة القانونية والإدارية والحقوقية وحتى الأخلاقية.
إن النضال الحقوقي ليس عرض للعضلات ولا عرضا للشجاعة الفارغة، بل هو مسؤولية والتزام وإدراك بحجم التحديات، كما أن العمل باللغة المؤسساتية تساعد دائماً في سلامة الخيارات وتدفع في اتجاه المساهمة الفعلية في تطوير منظومة حقوق الإنسان في بلادنا دون تهويل أو تخوين، وما أحوجنا إلى العمل الحقوقي البناء والمسؤول، خاصة في ظل هذه الظروف، حيث اختلطت الأوراق بين ما هو حقوقي، وبين ما هو انتهازي وانتقامي، وما هو جدي وموضوعي.
الاستاذ : عبد العزيز بوهدون