النقل السري.. إلى أين ؟
النقل السري، أو النقل غير الرسمي، هو ظاهرة شائعة في العديد من المناطق، خاصة في المناطق الريفية والنائية. وعلى الرغم من أن هذا النوع من النقل قد يواجه انتقادات بسبب عدم التزامه بالقوانين المتعلقة باستغلال رخص النقل العمومي، إلا أنه لا مجال لأن ننكر أنه يؤدي أدواراً حيوية تتجلى في تلبية احتياجات التـنقل للمـواطـنين الذين لا تتوفر لهم وسائل نقل عامة كافية.
وبعيدا عن الصورة النمطية ذات الحمولة السلبية للنقل السري، سنستعرض في هذا المقال بعض محاسن النقل السري، وكيف يمكن أن يسهم في معالجة بعض الأخطاء الناتجة عن عدم منح السلطات لرخص النقل العمومي للعدد الكافي من عربات النقل.
1- تلبية احتياجات النقل في المناطق النائية :
في العديد من البوادي تكون وسائل النقل العامة غير متوفرة أو غير كافية لتلبية احتياجات السكان. هنا يأتي دور النقل السري في توفير وسيلة نقل فعالة وسريعة للمواطنين، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم وتسهيل وصولهم إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
2- المرونة في الخدمة :
يتميز النقل السري بدرجة عالية من المرونة حيث يمكن للسائقين تعديل مساراتهم وأوقاتهم بناءً على احتياجات الركاب، وهذا يتيح للمواطنين الحصول على خدمة نقل مخصصة تلبي احتياجاتهم الفردية بشكل أفضل من وسائل النقل العامة التقليدية.
3- خلق فرص عمل :
يوفر النقل السري فرص عمل للعديد من الأفراد الذين قد لا يجدون فرص عمل في القطاعات الرسمية. هذا يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للأسر ويساعد في تقليل معدلات البطالة في المناطق النائية.
أ – الاعتراف بالنقل السري وتنظيمه :
بدلاً من محاربة النقل السري، يمكن للسلطات الاعتراف به وتنظيمه من خلال وضع قوانين ولوائح تضمن سلامة الركاب والسائقين. يمكن إصدار تراخيص خاصة للسائقين وتحديد معايير للسيارات المستخدمة، مما يسهم في تحسين جودة الخدمة وضمان سلامة الجميع.
ب – تحسين البنية التحتية للنقل :
يجب على السلطات الاستثمار في تحسين البنية التحتية للنقل في المناطق النائية، بما في ذلك تعبيد الطرق وإحداث المواقف. وهذا يمكن أن يسهم في تقليل الاعتماد على النقل السري وتحسين وسائل النقل العامة المتاحة للمواطنين.
ج- تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص :
يمكن للسلطات تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير وسائل نقل إضافية في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات. وهذا يمكن أن يسهم في تحسين جودة النقل وتلبية احتياجات المواطنين بشكل أفضل.
وفي الختام، يمكن القول إن النقل السري يؤدي أدواراً مهمة في تلبية احتياجات النقل للمواطنين في المناطق النائية وفك العزلة عن المناطق النائية وتمكين المواطنين الذين يعانون من الهشاشة والعوز والاحتياج.
ولهذا فإن الاعتراف بالنقل السري وتنظيمه، والبحث عن صيغ لتقنينه، وصولا إلى إدماجه في التنمية، وتحقيقا لمبدأ القرب بأن نعكس المعادلة الرائجة حاليا، وذلك بتقريب المواطنين من الإدارة حين تفشل محاولات تقريب الإدارة من المواطنين.
وإذا استجابت السلطات المحلية والمنتخبة في عموم البلاد لمطلب تقنين النقل السري وتنظيمه، وذلك بإدماجه في أسطول المواصلات العامة بما يضمن تحسين جودة الخدمة وضمان سلامة الركاب والسائقين، فإنه ستنفتح أمامها إمكانيات الاستثمار في تحسين البنية التحتية للنقل وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير العدد الكافي من وسائل النقل التي تتصف بالنجاعة المواصلاتية وتكون فعالة ومريحة للمواطنين.
عبد العزيز ابوهدون…. فاس-مكناس
