أكتوبر 14, 2025

جلالة الملك يشرف على إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز مركب صناعي المحركات الطائرات بالنواصر..

الفجر الجديد: متابعة

في يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، شهدت المملكة المغربية حدثًا اقتصاديًا وصناعيًا بارزًا، حيث ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقًا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، حفل إطلاق أشغال إنجاز مركب صناعي متطور لمحركات الطائرات بمنطقة النواصر، ضواحي الدار البيضاء. هذا المشروع، الذي تتولاه مجموعة “سافران” الفرنسية الرائدة عالميًا في صناعة الطيران، يمثل إضافة نوعية إلى المشهد الصناعي المغربي، ويعكس الرؤية الملكية الطموحة لجعل المغرب مركزًا عالميًا للصناعات التكنولوجية المتقدمة.

 

تفاصيل المشروع وأهميته الاستراتيجية

يقع المركب الصناعي الجديد ضمن المنصة الصناعية المندمجة “ميدبارك” (MIDPARK) بالنواصر، التي تُعد مركزًا متخصصًا في مهن الطيران والفضاء. يتكون المشروع من مصنعين رئيسيين: الأول مخصص لتجميع واختبار محركات الطائرات، والثاني لأنشطة الصيانة والإصلاح، مع التركيز بشكل خاص على محركات “LEAP” المتطورة التي تُستخدم في طائرات الجيل الجديد مثل إيرباص A320neo. يتميز المركب بالتزامه بالابتكار والاستدامة البيئية، مما يتماشى مع المعايير العالمية للصناعة الجوية.

 

تم توقيع ثلاث اتفاقيات رئيسية خلال الحفل، عكست التزامًا مشتركًا بين الدولة المغربية ومجموعة “سافران”. الأولى بين صندوق الإيداع والتدبير و”سافران” لإنشاء المصنع، والثانية مع شركة “ميدز” لتطوير المنصة الصناعية، والثالثة لتجميع واختبار المحركات. وقّع هذه الاتفاقيات كل من خالد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، وستيفان كويل، رئيس شركة سافران لمحركات الطائرات، ومروان عبد العاطي، المدير العام لـ”ميدز”، وحميد بن إبراهيم الأندلسي، رئيس-مدير عام ميدبارك. هذه الشراكات تعكس التكامل بين القطاعين العام والخاص، وتبرز الثقة الكبيرة في البيئة الاستثمارية المغربية.

 

التأثير الاقتصادي والاجتماعي

من المتوقع أن يُحدث هذا المركب الصناعي نقلة نوعية في قطاع الطيران بالمغرب، حيث سيخلق آلاف فرص العمل المؤهلة، مما يساهم في تعزيز التوظيف وتكوين الكفاءات المحلية. يأتي هذا المشروع كجزء من شراكة طويلة الأمد بين المغرب و”سافران”، التي بدأت منذ عقود وتطورت لتشمل مشاريع رائدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وفي كلمته خلال الحفل، أكد أوليفييه أندرييس، المدير العام لمجموعة “سافران”، أن اختيار المغرب لم يكن اعتباطيًا، بل استند إلى الكفاءات البشرية المتميزة، والبنية التحتية الحديثة، والاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي تتمتع به المملكة.

 

إضافة إلى ذلك، يُعزز المشروع نقل التكنولوجيا إلى المغرب، مما يدعم تطوير منظومة صناعية متكاملة في قطاع الطيران. يُذكر أن هذا القطاع يشغّل حاليًا أكثر من 20 ألف شخص في المغرب، ويسهم بنسبة كبيرة في الصادرات الصناعية. ومع إضافة هذا المركب، يُتوقع أن يرتفع هذا العدد، مما يعزز التنافسية الاقتصادية للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

 

رؤية ملكية لتعزيز التنافسية العالمية

يندرج هذا المشروع ضمن الرؤية الملكية الطموحة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس لتحويل المغرب إلى مركز صناعي وتكنولوجي عالمي. وقد ساهمت هذه الرؤية في استقطاب استثمارات كبرى من شركات عالمية مثل “بوينغ” و”زيمنس”، مما جعل المغرب وجهة مفضلة للصناعات المتقدمة. ويُعد اختيار “سافران” لإقامة هذا المركب شهادة على الثقة الدولية في الاقتصاد المغربي، الذي يتميز بالاستقرار، والبيئة الاستثمارية الجاذبة، والسياسات الاقتصادية الداعمة للابتكار.

 

كما يتماشى المشروع مع الأهداف الوطنية للاستدامة، حيث يركز على استخدام تقنيات صديقة للبيئة في تصنيع وصيانة المحركات، مما يعزز التزام المغرب بالحد من الانبعاثات الكربونية ودعم الاقتصاد الأخضر. هذا التوجه يتماشى مع الاتجاهات العالمية في صناعة الطيران، التي تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.

 

آفاق مستقبلية

إن إطلاق أشغال هذا المركب الصناعي ليس مجرد إنجاز اقتصادي، بل هو خطوة استراتيجية تعزز مكانة المغرب كلاعب رئيسي في سلسلة القيمة العالمية لصناعة الطيران. من خلال هذا المشروع، يواصل المغرب تعزيز منظومته الصناعية، التي تجمع بين الابتكار، التكوين، والاستدامة. كما يعكس الحدث التزام المملكة بتطوير شراكات دولية متينة، تسهم في دعم التنمية الشاملة وتعزيز الرفاه الاجتماعي.

 

في الختام، يُعد هذا المركب الصناعي إنجازًا وطنيًا يبرز الدور القيادي للمغرب في استقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية. ومع استمرار تنفيذ مثل هذه المشاريع الطموحة، يرسخ المغرب مكانته كوجهة عالمية للصناعات المتقدمة، محققًا بذلك رؤية جلالة الملك محمد السادس لمستقبل مزدهر ومستدام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *